Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تتعثر الشركات الأوروبية وسط النمو الأميركي بقوة؟

الفشل في تنسيق القواعد داخل الكتلة التجارية بالاتحاد يؤدي إلى خنق الابتكار

تشابك التنظيمات في أوروبا تخنق نمو الشركات وسط نمو متسارع في أميركا (أ ف ب) 

سمح الفشل في تنسيق القواعد داخل الكتلة الأوروبية للشركات الأميركية بأخذ زمام المبادرة في حصص النمو، كما يقول بعض كبار الصناعيين في القارة الأوروبية، ويعتقدون أن مجموعة اللوائح التنظيمية تخنق الابتكار والتوسع.  وقال كارل هنريك سفانبرغ رئيس المائدة المستديرة الأوروبية للصناعة التي تتخذ من بروكسل مقراً لها، والتي تجمع قادة 60 من أكبر شركات الصناعة والتكنولوجيا في القارة لـ "فايننشال تايمز" إن "هناك العديد من العقبات والحواجز التي تجعل من الصعب على الشركات الأوروبية النمو".  وأضاف، "الاقتصاد الأميركي نما بقوة أكبر بكثير من أوروبا في العقد بين عامي 2008 و2018، واقترب النمو الحقيقي التراكمي للولايات المتحدة من 19 في المئة في مقابل 11.4 في المئة بالنسبة إلى لاتحاد الأوروبي، بما في ذلك المملكة المتحدة". وتابع سفانبيرغ والذي يشغل أيضاً منصب رئيس "إيه بي فولفو" وقاد عمالقة أوروبا مثل "إريكسون" و "بي بي"، إن "الثمن الذي ندفعه هو مقابل عدم إدراكنا أن النمو ضخم".  وتأتي تعليقات سفانبيرغ خلال مقابلة مع الصحيفة في الوقت الذي تشارك فيه أوروبا مبلغ 750 مليار يورو (848.7 مليار دولار أميركي) في صندوق التعافي بعد "كوفيد-19"، والذي يهدف إلى دفع التحول الرقمي والأخضر في الاتحاد الأوروبي، لكن قادة الأعمال قلقون من أن الفشل في المواءمة الكاملة للقواعد في مجالات مثل الخدمات الرقمية وأسواق رأس المال والطاقة يعوق الشركات الأوروبية.

فجوات أميركية وأوروبية 

ويبدو أن مشكلات المنطقة قد تفاقمت خلال الوباء عندما تصدرت 16 شركة أوروبية فقط، بما في ذلك أربع شركات من المملكة المتحدة وسويسرا، قائمة أفضل 100 شركة عالمية من حيث نمو القيمة السوقية على مدى العامين حتى نهاية عام 2021.  في المقابل ، تصدرت 58 شركة من الولايات المتحدة خلال الفترة نفسها، وارتفع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 46 في المئة مقابل ارتفاع بنسبة 16 في المئة فقط لمؤشر "ستكوكس 600 الأوروبي"، ولا تزال الفجوة قائمة على الرغم من تراجع المستثمرين في سوق التكنولوجيا عام 2022.

وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة الكيماويات الأوروبية "بيه إيه إس إف" مارتن برودرمولر، "نحن بطيئون ومعقدون للغاية، ويمكن توسيع نطاق الحلول منخفضة الكربون والتقنيات المتقدمة رقمياً بشكل أسرع بكثير من قبل الشركات إذا لم تكن تواجه حواجز وطنية وإجراءات السماح الطويلة والسياسات المجزأة في مختلف الدول الأعضاء." 

تأخر الشركات الأوروبية وأسواق راس المال

ولطالما تأخرت الشركات الأوروبية عن منافسيها في الولايات المتحدة على الرغم من قدرتها على التوسع بسرعة أكبر، بسبب وجود سوق واحدة تضم 330 مليون شخص يتشاركون اللغة نفسها واللوائح المنسقة وأسواق رأس المال الأعمق. ووجد التحليل الذي أجراه مركز أبحاث أسواق رأس المال "نيو فايننشال" أن أسواق رأس المال في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي الـ 27 في المتوسط أكبر بمقدار النصف بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي كما هو الحال في المملكة المتحدة، والتي تعد بدورها نصف متطورة مثل الولايات المتحدة. لكن أندريه كوتنر الرئيس المشارك العالمي للأسهم في "دي دبليو إس" الشركة الألمانية لإدارة الأصول، قال إن أوروبا تعرضت لضربة مزدوجة من الوباء، فأولاً تفتقر إلى عمالقة التكنولوجيا العالميين سريعي النمو، كما تمكنت شركات مثل "أبل" و "غوغل" و"أمازون" و"فيسبوك" من استغلال التحول إلى الاستهلاك عبر الإنترنت الذي جاء مع الإغلاق العالمي، وثانياً عالجت أوروبا جائحة كوفيد بشكل أكثر شدة من البلدان الأخرى، لذلك كانت الشركات أكثر تضرراً، لكن في الولايات المتحدة كانت هناك قيود أقل."

تباين الدعم الحكومي الأميركي -الأوروبي

وكان هناك أيضاً اختلاف في سرعة وحجم الدعم الحكومي، وفقاً لجورما أوليلا، الرئيس السابق لكل من "نوكيا" و"رويال داتش شل"، وهو الآن عضو مجلس إدارة في بنك الاستثمار "بيريلا وينبيرغ بارتنرز"، إذ قال أوليلا إنه "كان للسياسات المالية والنقدية التوسعية تأثير في أوروبا، لكن التأثير في الولايات المتحدة كان أكبر"، في حين كانت الإجراءات الأميركية "أكثر عدوانية مما كانت عليه في أوروبا بداية الجائحة. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتم إبراز الاختلاف من خلال التوسع الأكبر بشكل كبير في الموازنة العمومية للاحتياط الفيدرالي الأميركي مقارنة بالبنك المركزي الأوروبي، فخلال الأشهر الأولى من الوباء وبحلول نهاية مارس ( آذار) 2020، وقع دونالد ترمب، رئيس الولايات المتحدة آنذاك، على مشروع قانون يحدد 2.3 تريليون دولار في إجراءات الطوارئ لمساعدة الأفراد والشركات والاقتصاد الأوسع، أي ما يعادل حوالى 11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وقال سايمون فريكلي الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات "أليكس بارتنرز" في نيويورك، إن الدعم الأوروبي تم تنظيمه أيضاً بطريقة لا تفضل التنافسية.وأضاف، "في الولايات المتحدة دعمت البرامج الفيدرالية الموظف بشكل مباشر، بينما كانت في أوروبا تدعم صاحب العمل لحماية التوظيف في أوروبا".  وقال فريكلي، "لم يكن هناك حافز لأصحاب العمل لتقليص قوة العمل، لذلك خرجت الشركات الأميركية من تداعيات الوباء أسرع مما كانت عليه في أوروبا".

خروج أسرع للشركات الأميركية من براثن كورونا 

وتؤكد البيانات الواردة من "ريفينيتيف "هذا الرأي، إذ تجاوزت الأرباح المجمعة في "إس آند بي 500" مستويات أوائل عام 2019 بحلول الربع الثالث من عام 2020، في حين استغرقت شركات "ستوكس 600 "الأوروبية حتى الربع الأول من العام الماضي للتعافي.  لكن تجربة الوباء لا تعني أن الشركات الأوروبية أسوأ من منافستها الأميركية، بحسب درو ديكسون، كبير مسؤولي الاستثمار في صندوق "ألبرت بريدج كابيتال" ومقره لندن.  ولا يشير افتقار أوروبا إلى شركات التكنولوجيا العالمية الكبرى إلى شيء فاسد في حال الأعمال التجارية الأوروبية، وبدلاً من ذلك فهذا ببساطة هو "حصيلة التاريخ والمصادفة"، مثل هجرة خبراء التكنولوجيا منذ عقود إلى وادي السيليكون، وهناك أربع من أكبر الشركات في العالم على بعد 40 ميلاً من بعضها.وجادل ديكسون بأن الشركات الأوروبية تتمتع بقدرة تنافسية عالية في القطاعات الأخرى، وقال "إذا كانت هناك طائرة بوينغ فهناك طائرة إيرباص، وحيث توجد جنرال موتورز توجد فولكس فاغن وهكذا، ولذلك فبمجرد أن تكون في قطاعات أخرى لا يوجد فائز واضح. هذه الحجة القائلة بأن هناك بطريقة ما شيئاً أفضل في الولايات المتحدة خاطئة، باستثناء التكنولوجيا".

الهوس بأسهم التكنولوجيا 

ويتفق دانييل جروسفينور مدير استراتيجية الأسهم في "أكسفورد إيكونوميكس" بأن هناك خطر التشاؤم المفرط في شأن الشركات الأوروبية، وقال "لم يفعلوا ذلك بشكل سيئ من حيث القيمة المطلقة، فقد عادت هوامش الربح الأوروبية إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، ولا يعني ذلك أنهم كانوا يعانون جائحة سيئة فقط لأن أدائهم كان أقل من أداء نظرائهم في الولايات المتحدة". وجادل ديكسون بأن ضعف الأداء كان مدفوعاً جزئياً بهوس المستثمرين العالميين بأسهم التكنولوجيا عالية النمو التي تهيمن على المؤشرات الأميركية. في غضون ذلك، تميل أوروبا نحو الأسهم ذات القيمة أو الشركات التي تشير الأرباح أو القيم الدفترية إلى استحقاق سعر أعلى للسهم. 

وقال جيمس واتسون مدير الاقتصاد في مجموعة الضغط "بيزنس يوروب" إن افتقار أوروبا إلى عمالقة التكنولوجيا العالميين لا يزال يمثل نقطة ضعف في عالم متصل بشكل متزايد. وأضاف: "القلق هو أننا لسنا في المجالات التي نتوقع أن تكون الأرباح فيها في المستقبل". وتابع واتسون، "هناك دلائل على أن هذا قد يتغير، ففي العام الماضي اجتذب قطاع التكنولوجيا في أوروبا استثمارات بقيمة 100 مليار دولار، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف المستوى المسجل عام 2020، وفقاً لتقرير (أوتوميك ستيت يوروب تيك) 2021، وأضاف القطاع تريليون دولار في القيمة على مدى ثمانية أشهر فقط بإجمالي ثلاثة تريليونات دولار أخيراً، في حين أن العائدات على استثمار رأس المال الاستثماري في أوروبا تفوق الولايات المتحدة، لكن لا تزال هناك فجوة كبيرة.