Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الضريبة الوردية"... مؤامرة تسويقية أم ثقافة تلقائية؟

"السعر حسب الجنس" لصالح الرجل أصبح مكشوفاً في خدمات وعروض عديدة في السعودية ودول كثيرة

تتفاوت أسعار عروض وخدمات مثل تعليم قيادة المركبات بين الجنسين (وسائل التواصل)

صفق العالم للمرأة عدة مرات خلال السنوات الماضية بعد أن حققت أشواطاً مهمة واستطاعت كسب عديد من القضايا التي خاضتها للحصول على حقوقها والقضاء على أشكال التمييز الممارس ضدها لدرجة أنها استطاعت الوصول إلى أدوار قيادة في الحياة السياسية، لكن يبدو أن طريق القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة وتحقيق المساواة الكاملة في الحقوق والفرص بين الرجال والنساء لا يزال طويلاً، فلم ينجح أي بلد وفي العام الـ22 من الألفية الثالثة من سد الفجوة بين الجنسين في جميع الجوانب، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية.

التمييز السعري

لا تزال المرأة تعاني بشكل يومي من أحد أشكال التمييز، وإن كان بعضهن لا يدركن هذا التمييز ويعتبرنه أمراً طبيعياً ألا وهو استراتيجية التمييز السعري وهي طريقة بيع تفرض على العملاء أسعاراً مختلفة لنفس المنتج أو الخدمة، بناءً على ما يعتقد البائع أن العميل سيشتريه دون نقاش ويضع التجار العملاء في مجموعات بناءً على سمات معينة ويفرض على كل مجموعة سعراً مختلفاً.

وهذا ما تتعرض له المرأة من تمييز سعري قائم على الجنس ويلزمها بدفع مبلغ إضافي لنفس المنتج أو الخدمة المقدمة للرجل ويطلق عليها في بعض المجتمعات "الضريبة الوردية"، وتُعد واحدةً من قضايا عدم المساواة، وهي ليست ضريبة حقيقية في الواقع، لكنها ممارسة تسعيرية تمييزية على أساس الجنس تفرض من قبل التجار فعندما تبيع شركة منتجاً وردياً (النسخة الأنثوية) بأكثر من منتج أزرق (النسخة الرجالية) فإن الإيرادات الإضافية من المنتج الوردي لا تذهب إلى الحكومة، المستفيد الوحيد من "الضريبة الوردية" هي الشركات.

 

أسعار المنتجات بناءً على جنسك

وعلى الرغم من التركيز الكبير في جميع أنحاء العالم على المساواة بين الجنسين فإن ما من شيء يقارن بعدم المساواة التي تواجهها المرأة في أقل شيء تستهلكه، لذلك يتعين علينا أخذه على محمل الجد فلماذا تغير العلامات التجارية أسعارها بناءً على جنسك؟

ستلاحظ الاختلاف في الأسعار من خلال تسوقك اليومي لأبسط الأمور فعلى سبيل المثال إذا ذهبت إلى صيدلية سترى الشامبو والبلسم ومزيل العرق وغسول الجسم وشفرات الحلاقة وإن كانت نفس الفاعلية والعلامة التجارية، وتجد أن ما يبرر ذلك أحياناً هو العبوة التي ربما تكون زهرية وذات روائح ببعض العطور التي لم تطلبها المرأة، فإلى أي مدى يختلف الرجل والمرأة عن بعضهما بعضاً؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقول نوال الشهري موظفة في إحدى الصيدليات المشهورة في الرياض، "إنه لا يوجد ما يبرر فرض الضريبة الوردية على المرأة بأي حال من الأحوال، ويجب أن يكون هناك تحرك من السعوديات اللاتي استطعن الحصول على كثير من حقوقهن في مجالات الحياة المختلفة". وتقترح الشهري، مقاطعة المنتجات التي تمارس التمييز من أجل وضع حد لهذا، فلا مبرر له في وقتنا الحالي.

ويبدو أن هناك تجارة قائمة بملايين الدولارات من قبل الشركات تحاول اللعب على هذا الوتر الحساس في حياتنا المعاصرة، وأن المرأة لا تشتري المنتج إلا بمواصفات ومعايير معينة، يوضح مستشار التسويق ماجد رشدي، "أن اختلاف الأسعار بين نفس المنتجات للمرأة والرجل يأتي بعضها لأسباب متحيزة لجنس دون الآخر، وبعضها متعلق بالتكاليف والأرباح ويمكن ربطها بمدخلات الإنتاج، فمنتجات المرأة تستخدم مواد تختلف تسعيرتها عن الرجل لأن العادة جرت على توفير منتجات عادية للرجال، بينما يضاف بعض الألوان أو الزخارف للمرأة لنفس المنتج، لكنها مكلفة".

 

قوة السوق وليس تمييزاً

يأتي التمييز السعري أيضاً في تحديد وقص الشعر عند الرجال عادة ما يبدأ من 10 ريالات (2.66 دولار)، ويأتي السعر أضعافاً مضاعفة عند النساء بأربع مرات فقد وصل سعر التحديد فقط 50 ريالاً (13 دولاراً). وتبرر لطيفة العلي، صاحبة أحد الصالونات النسائية في الرياض، "أن سبب ارتفاع أسعار الخدمات النسائية يعود لارتفاع القيمة التشغيلية للمشروع".

وترتفع فجوة الأسعار بين الجنسين في اشتراكات النوادي الرياضية ومراكز المساج، فأسعار اشتراك شهر واحد في النادي النسائي يكون 1300 ريال (346 دولاراً) يقابله اشتراك سنة كاملة عند الرجال، بينما أسعار المساج لنفس الساعة والنوع لدى بعض المراكز 644 ريالاً (171 دولاراً) للنساء يقابلها 445 ريالاً (118 دولاراً).

ويرجع محمد حطحوط، مستشار تسويق أسباب اختلاف أسعار السلع بين الجنسين، إلى أن "ملف التسعير يعتمد على معايير مختلفة من أهمها العرض والطلب، فالأندية الرياضية منتشرة بشكل كبير أكثر الأندية النسائية، وهذا أحد أهم أسباب ارتفاع أسعار الأندية النسائية، فالطلب عالٍ، والعرض ما زال قليلاً". وأضاف، "أن اهتمام النساء بالتفاصيل وارتفاع الجودة ربما قد يبرر للتجار رفع الأسعار". ويشير حطحوط إلى "أن التباين في الأسعار بين الإناث والذكور ما هو إلا نتيجة لقوة السوق وليس التمييز".

وتأتي أسعار مدارس تعليم القيادة للمرأة في السعودية 6 أضعاف تعليم الرجل التي تبدأ 2800 ريال (746 دولاراً) في الوقت الذي تقدر فيه رسوم تعليم القيادة لدى الرجال بـ450 ريالاً (120 دولاراً)، إضافة إلى مئات المنتجات والخدمات الإضافية التي تدفع فيها النساء ثمن أعلى بسبب التمييز القائم على الجنس.

 

وعن دور وزارة التجارة السعودية في مراقبة اختلاف أسعار المنتجات بين الجنسين في السعودية، قالت الوزارة إنها "ترصد أسعار السلع التموينية والضرورية باستخدام نظام إلكتروني يتم من خلاله متابعة أسعار أكثر من 217 سلعة بأنحاء البلاد، ومقارنتها بالأسعار في دول الجوار ومتابعة أي تطورات تؤثر في حركة العرض والطلب وتطبيق العقوبات في حال وجود مخالفات نظامية أو تلاعب في الأسعار".

استهداف النساء

ببحث بسيط في التطبيقات الشهيرة ومقارنة أسعار بعض ملابس الرجال والنساء المتشابهة في التصميم لأشهر العلامات التجارية نجد فرقاً يبدأ من 30 و40 في المئة. يقول عبد الله صالح، أحد الموظفين بمحال ملابس في الرياض، "لا يمكن وضع أسعار ملابس الرجال مشابهة لأسعار النساء، فهن مستهلكات يتمتعن بمعرفة عالية فتجد بعضهن يشترين ملابس الرجال، خصوصاً الـ(تي شيرتات) لعدم وجود اختلاف في التصميم وبعضهن يفضلن المنتج النسائي الأغلى ثمناً لأنهن يجدنه أكثر إرضاءً لهن".

ويشير مستشار التسويق ماجد رشدي إلى أن "التمييز السعري في الملابس قد يرتبط بالضرائب والرسوم، فمثلاً صناعة الملابس عادة ما تكون عالمية مرتبطة بدول معينة دون غيرها، فيذكر أن بعض الدول الكبرى المصدرة لها تفرض ضرائب أو رسوماً أعلى على منتجات المرأة مقارنة بالرجل، وأن للموضوع علاقة بقوانين قديمة لم تتغير إلى اليوم، جعلت التكلفة النهائية للمنتج النسائي أعلى لمجرد كونها نسائية بمعنى آخر، حتى لو كان الصندوق مغلقاً لمجرد كون محتواه نسائياً تكون الضريبة أعلى".

الرجل أكثر حذراً

ولطالما كانت استراتيجيات تسويق الشركات تستهدف النساء لاعتقاد المصنعين أن النساء هن الجمهور المستهدف أوضح رشدي، "أنه في عرف شائع منذ عقود يميل إلى أن الرجل أكثر تحفظاً وأقرب إلى عدم الشراء إلا عند الحاجة بالذات مع الملابس والعطور، إضافة إلى ميله للبحث عن أفضل سعر مقارنة بالعرض، بينما تقبل المرأة على التنويع في المشتريات وبتكرار أكبر من الرجل لذلك تكون فرصة شرائها أكبر كما أنها تتقبل غالباً دفع مبلغ أكبر مقابل الحصول على ما تريد لأن المنتجات هنا تعبر عن شخصيتها وذوقها وأسلوب حياتها". يتابع، "المرأة تميل إلى المنتجات ذات النوعية والجودة العاليتين من المنتجات ذات القيمة المنخفضة، وهذا عرف قديم يحتاج إلى دراسات جديدة لسلوك المستهلك، حيث نرى من الرجال اليوم ما نراه من المرأة من حب التنويع وتجربة منتجات أكثر وحتى تغيير العطور ما بين عطور قوية أو خفيفة، نهارية أو ليلية، قديمة أو عصرية وغيرها".

يعرف التسوق أنه في الأساس عملية من ثلاث خطوات أولها أن تسأل نفسك: هل أرغب في شراء شيء ما؟ ثم أي منتج هو الأفضل والأرخص؟ لذلك عند سؤال الجمعية السعودية المعنية بحماية المستهلك عن تباين الأسعار في المنتجات ذكرت أن "دورها توعية المستهلكين بحقوقهم وواجباتهم وتقديم التوعية المتخصصة وتعرض في موقعها الإلكتروني مكتبة توعوية ومعرفية قد تكون الأكبر والأشمل من نوعها، لمقارنة الأسعار للسلع والخدمات المختلفة كأحد أكثر البرامج التوعوية تأثيراً وتفاعلاً، كونها تركز على فروق الأسعار وتأثيرها في التوفير وتفتح الجمعية المجال للجميع لرفع مقارنتهم للأسعار وفق معايير محددة عبر أيقونة (مشاركات المجتمع في المقارنات) على الموقع الإلكتروني لجمعية حماية المستهلك".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات