Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سوق العمل في بريطانيا تبحث عن مليون موظف

حذر مراقبون من تفاقم المشكلات وخسائر قطاع الترفيه جراء الإضرابات تتجاوز 1.2 مليار دولار

تؤدي فجوات العمال المتزايدة إلى محدودية قدرة الشركات على النمو وتسبب في تقليص بعض الشركات لخدماتها (أ ف ب)

تشير البيانات الاقتصادية إلى أن المملكة المتحدة لديها مشكلة وظائف، حيث لا يوجد عدد كافٍ من العمال للحفاظ على تقدم اقتصادها. ويزداد غضب العديد من الموظفين من أن التضخم يأخذ قسطاً كبيراً من رواتبهم.
وتصاعدت المشكلة يوم الثلاثاء الماضي، 21 يونيو (حزيران)، حيث بدأ الآلاف من عمال سكك الحديد في إضراب للمطالبة بتحسين الأجور وظروف العمل - أكبر إضراب لسكك الحديد منذ 30 سنة - مما أدى إلى توقف أجزاء كبيرة من الشبكة. ومن المقرر إجراء المزيد من الإضرابات يومي الخميس والسبت. كما أدى إضراب منفصل للعمال في مترو أنفاق لندن إلى توقف خدمات المترو.
وقال الاتحاد الوطني لعمال السكك الحديد والبحرية والنقل في بيان، إن إضرابات سكك الحديد يمكن أن تستمر لأشهر، ويمكن للمدرّسين والممرضات والعمال الآخرين الانسحاب لأن رواتبهم تتراجع عن معدلات التضخم المرتفعة، ويُتوقع الآن أن تصل إلى ذروتها فوق 11 في المئة في وقت لاحق هذا العام". وقالت "يونيسون"، وهي نقابة تمثل 1.3 مليون عامل في القطاع العام، الأسبوع الماضي، إنها "مستعدة للإضراب".

توقعات بتراجع حاد في إيرادات الشركات

وقالت كيت نيكولز، الرئيسة التنفيذية لهيئة التجارة البريطانية للضيافة، في تصريحات حديثة، إن "إضرابات سكك الحديد وحدها هذا الشهر قد تكلف قطاع السياحة والترفيه والمسرح أكثر من مليار جنيه استرليني (1.2 مليار دولار)".
وتوقعت ماغي سيمبسون، مديرة مجموعة "رايل فرايت غروب"، أن يتم نقل شحنات أقل بنسبة تتراوح بين 30 و 40 في المئة، بالقطار على مدار الأسبوع، مع إعطاء الأولوية للمنتجات المهمة، بما في ذلك منتجات الوقود والسوبرماركت. وقالت إنها كانت "قلقة حقاً" بشأن فقدان الثقة بين الشركات التي كانت تتطلع بشكل متزايد إلى سكك الحديد لشحن بضائعها.

وقد يوجّه صيف من الإضرابات ضربةً قوية لاقتصاد ينزلق إلى الخلف. لكن النشاط كان متوقفاً بالفعل في صناعات مثل الطيران والضيافة والرعاية الاجتماعية بسبب عدد قياسي من الوظائف الشاغرة تُقدَر بنحو 1.3 مليون في آخر إحصاء رسمي.
وتصف مانديرا ساركار، مالكة "مانرياز كيتشن"، وهي شركة لتوصيل الطعام وتقديمه في جنوب غربي إنكلترا، نقص العمالة، بأنه "موت بطيء" لأعمالها التي استمرت ست سنوات. وأضافت "لقد كان كابوساً كاملاً... نحن جاثون على ركبنا حرفياً لأننا لا نستطيع العثور على الموظفين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتؤدي فجوات العمال المتزايدة، عبر الصناعات، إلى محدودية قدرة الشركات على النمو وتسبب في تقليص بعض الشركات لخدماتها. وخلال الأسبوع الماضي، قال مطار "غاتويك"، وهو مطار جنوب لندن، إنه سيخفض جدوله الصيفي بنسبة تصل إلى 13 في المئة خلال شهرَي يوليو (تموز) وأغسطس (آب) المقبلين، لأنه لم يتمكن من العثور على عدد كافٍ من العمال.
وخفّضت صناعة الطيران، حجم الوظائف خلال فترة الوباء مع تراجع الطلب على السفر، وتكافح لتوظيف وتدريب عدد كافٍ من العمال للتعامل مع الانتعاش القوي في أعداد الركاب خلال الأشهر الأخيرة. وقالت شركة الطيران الاقتصادي "إيزي جيت"، إنها ستخفض جدولها الصيفي إلى حوالى 90 في المئة من مستويات عام 2019، ويرجع ذلك جزئياً إلى الاضطراب في "غاتويك".
لكن هذه الأزمات ليست مجرد مخلفات وباء كورونا، فقد أنهى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حرية حركة العمالة بين المملكة المتحدة وأوروبا، مما جعل من الصعب على أصحاب العمل البريطانيين الاستفادة من مصدر ضخم للعمال. وتقول ساركار، مالكة شركة توصيل الطعام، إنها بحاجة ماسة إلى توظيف شخصين للعمل بدوام كامل في مطبخها، وتلقي باللوم على التأثير المزدوج لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والوباء، في إبعاد العمال. وأجبرها نقص الموظفين على رفض العملاء، لدرجة أنها تتوقع أن تكون إيراداتها هذا العام أقل بنسبة 40 في المئة عن عام 2021. وقالت، "لقد اختفى كل سكان أوروبا الشرقية، وكل مَن كان لدينا، والذين عملوا في مجال الضيافة، خلال فترة الوباء، تاركين هذه الفجوة الهائلة الكبيرة".

سوق العمل تبحث عن مليون موظف

النقص في العمالة في المملكة المتحدة صارخ بشكل فريد بين أكبر الاقتصادات الغنية في العالم. ووفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كانت المملكة المتحدة الدولة الوحيدة في "مجموعة السبعة" التي انخفضت فيها نسبة الأشخاص في سن العمل من القوى العاملة بين عامي 2020 و 2021.

وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أيضاً أن يشهد اقتصاد المملكة المتحدة ركوداً في عام 2023 - مما يميزها عن اقتصادات مجموعة السبع، والتي من المتوقع أن تنمو جميعها. وبحسب معهد التعلم والعمل، وهو مركز أبحاث، هناك حوالى مليون شخص "مفقودون" من القوى العاملة في بريطانيا. وذكر المعهد، أن البلاد "صمدت أمام العاصفة بشكل جيد نسبياً من حيث التوظيف في وقت مبكر من الوباء بفضل مخطط الإجازة وغيرها من أشكال الدعم... لكن منذ ذلك الحين رأينا هذا الانجراف خارج سوق العمل".
وأشار إلى أن "الجزء الأكبر من هذا المليون يفسَر من قبل العمال الذين تزيد أعمارهم عن 50 سنة وأولئك الذين يعانون من مشكلات صحية طويلة الأمد فيتخلون عن العمل. ويمكن أن يُعزى حوالي الثلث إلى انخفاض النمو السكاني - بما في ذلك انخفاض صافي الهجرة - ونحو الخمس بسبب بقاء الشباب لفترة أطول في التعليم بدوام كامل".
وعادت البطالة في المملكة المتحدة إلى مستوى ما قبل الوباء، حيث بلغت 3.8 في المئة، فإن هذا المقياس لا يلتقط سوى عدد الأشخاص الباحثين بنشاط عن عمل. وذكر المعهد، أن "سياسة الحكومة تميل إلى التركيز على خفض هذا الرقم، لكن ينبغي الآن إعادة توجيهها لإعادة إشراك أولئك الذين انسحبوا من العمل تماماً".
وقال توني ويلسون، مدير معهد دراسات التوظيف، إنه "ليس واضحاً بعد، لماذا لم تشهد الاقتصادات المماثلة نفس الهجرة الجماعية للعمال". وأشار إلى أن "المملكة المتحدة واحدة من عدد قليل جداً من البلدان في العالم التي شهدت ما يشبه تغييراً هيكلياً كبيراً في المشاركة". وتكهن بأن "حريات المعاشات التقاعدية في المملكة المتحدة يمكن أن تكون عاملاً"، إذ يستطيع العمال الاعتماد على مدخرات التقاعد ابتداءً من عمر 55 سنة.
ووجد معهد الدراسات المالية أن العمال الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و 69 سنة والذين تقاعدوا، كانوا الدافع الرئيس وراء زيادة الخمول الاقتصادي، حيث ساهموا بثلثي هذه الزيادة خلال العامين الماضيين. وقال ويلسون إن "ما يثير القلق بشكل خاص هو العدد المتزايد للأشخاص الذين يتركون القوى العاملة بسبب المرض. مهما كان السبب، فإن الاتجاه يظهر القليل من علامات التحسن". وأضاف "إنه أمر محزن حقاً".