Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يشكل فرض ضرائب على الأرباح الاستثنائية خيارا سياسيا سهلا؟

تتسم اقتصادات سوق الطاقة بالتعقيد لكن فرض ضريبة على الشركات التي تحقق أرباحاً يسهل فهمه

أرباح شركة "شل" من أنشطتها العالمية في العام الحالي تعدّت 30 مليار دولار (رويترز)

تقدر التكاليف السنوية لتثبيت أسعار الطاقة في بريطانيا ما بين 60 و100 مليار جنيه استرليني (من 70 إلى 115 مليار دولار أميركي). وحتى لو جرى تعديل خطة الدعم بشكل أفضل العام المقبل، فإن تكلفتها ستكون على الأرجح أكبر من موازنة الدفاع في بريطانيا أو من مجموع الضرائب المحصلة من قطاع البنزين والديزل. سيكون الأمر بمثابة ابتكار إدارة حكومية متوسطة الحجم، لكنها تمتلك موازنة تعتمد أساساً على أسعار الغاز العالمية، وعلى رغبة فلاديمير بوتين في شن الحروب، والضغوط التي تمارس على أعضاء البرلمان البريطاني من قبل العائلات والشركات.

وهكذا يبدو الأمر مفهوماً بأن كلا الحكومة والمعارضة، وقد اتفقتا على أن هناك حاجة لخطة طارئة، يفترض أن يحبذا فرض ضريبة على الأرباح الاستثنائية windfall taxes لعمالقة الطاقة. لقد كان الليبراليون الديمقراطيون من طرحوا هذه الفكرة أساساً، وتبناها حزب العمال ثم ريشي سوناك عندما كان وزيراً للمالية في حكومة بوريس جونسون. وقد تم تطبيقها خلال شهر مايو (أيار) الماضي. وفي ما بعد استبعدت ليز تراس تمديد العمل بها، ولكن اليوم ريشي سوناك يمسك بزمام الأمور، ويجري التباحث بالخطة مجدداً.

غير أن ما قد توفره هذه الضرائب الإضافية على الأرباح الاستثنائية ومعها خفض الإنفاق العام المتوقع خلال عامي 2023-2024 لا يكفي لتأمين التغطية الكاملة للتكلفة السنوية لهذا الدعم. وتوقع حزب العمال أن يأتي التوسع في فرض هذه الضريبة بثمانية مليارات جنيه استرليني (9.3 مليار دولار) إضافية، وهي تشمل ضريبة إضافية بنسبة 25 في المئة على أرباح البترول والغاز مضافة إلى الضريبة الحالية والبالغة 40 في المئة المفروضة على القطاع، لتصل معها الضريبة على الأرباح إلى 65 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولكن زيادة الضرائب قد يتسبب في انخفاض الاستثمار في بحر الشمال وفي مصادر الطاقة المتجددة وسيكون إحداها على الأقل غير مرحب به. في الوقت الحالي فإن الحصيلة الضريبية قد توفر قرابة خمسة مليارات جنيه استرليني (5.8 مليار دولار) ما يوازي أقل من 10 في المئة من تكلفة خطة الدعم (يذكر أن الحكومة أرغمت منتجي الطاقة المتجددة على خفض تعريفاتهم تنفيذاً لقانون "سقف التكلفة والإيرادات"). وهكذا سيتم تمويل معظم ضمانات أسعار الطاقة الراهنة والبديل المقترح من حزب العمال عبر الاقتراض التقليدي ورفع الضرائب المعتادة. إنها بالفعل ثغرة كبيرة سيصعب سدها بالضرائب على الأرباح الاستثنائية وحدها.

يضاف إلى ذلك أن عمالقة الطاقة قد يجادلون بأن قطاعهم يشهد كثيراً من التقلبات وأن الأرباح التي يحققونها في الوقت الراهن توازن النكسات الكبرى في أوقات أخرى. خلال فترة الجائحة فقدوا أموالاً هائلة مع إقفال قطاعات الصناعة والنقل، ومع ذلك لم يجرؤوا على طلب دعم خاص لتسديد العجز في موازناتهم.

أحد التصورات الخاطئة تتمثل في الاعتقاد أن الأرباح الهائلة غير المتوقعة التي تحققها شركات النفط العملاقة العاملة في بريطانيا تتحقق داخل المملكة المتحدة. وهذا غير صحيح، بالتالي فإن أرباح شركة "شل" (Shell) خلال الأشهر التسعة الأوائل من هذا العام، التي بلغت 26 مليار جنيه استرليني (30 مليار دولار) وتصدرت عناوين الصحف، كانت في غالبيتها مردوداً لأنشطتها العالمية وفرضت عليها الضرائب في أماكن متفرقة. وفقط 10 في المئة من الأرباح تحقق من أعمالها في بريطانيا. وفي حالة شركة "شل" فإنها لم تدفع شيئاً من الضرائب على الأرباح غير المتوقعة على الرغم من أنها حققت أرباحاً قياسية على مستوى العالم بلغت قرابة 26 مليار جنيه استرليني هذا العام، لأن عملياتها في بريطانيا لم تحقق أي أرباح نتيجة لإنفاقها الضخم على عمليات التنقيب عن النفط في بحر الشمال.

وحتى لو قررت الحكومة البريطانية مصادرة جميع أرباح شركات توزيع الطاقة الكهربائية الكبرى ومشغليها، مثل "إي.أون" E.on و"أس أس إي" SSE و"ناشيونال غريد" (الشبكة الوطنية) National Grid، فإن ما ستجمعه سيبلغ 15 مليار جنية استرليني (17.4 مليار دولار)، وسيكون أمراً غريباً نظراً إلى أن الحكومة تدفع فعلياً جزءاً كبيراً من دخل الشركات في المقام الأول، وقد أدى ذلك إلى اقتراح وجوب نقلها إلى ملكية عامة.

لكن الاقتصاد الحقيقي لسوق الطاقة المعقدة سيطغى عليه دائماً الصور الوهمية لأنباء الأرباح الفصلية لعمالقة النفط- 9 مليارات جنيه استرليني في حالة "شل"، وهو ما لا يقل كثيراً عما تنفقه بريطانيا على شبكة الطرق بأكملها. وخلال الأجواء السياسية الراهنة فإن الكيانات غير المحبوبة كعمالقة الطاقة والمصارف والشركات التكنولوجية الكبرى قد تبدو مهددة بهجمات ضريبية من قبل الحكومة وبعد تراس، لا يهم أي من الأحزاب سيحكم.

© The Independent