Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البريطانيون ينتخبون في 2024 بـ"جيوب خاوية" وتضخم مرهق

توقعات أن يظل الدخل الحقيقي للأسرة والفرد أقل بقليل من مستويات ما قبل الوباء وقروض مخيفة للرهن العقاري

التضخم سيستغرق وقتاً أطول للسيطرة عليه بحلول عام 2025 (غيتي)

ملخص

يتوقع أن تجرى الانتخابات المقبلة على خلفية لن ينمو فيها الناتج المحلي الإجمالي بالكاد على مستوى طموحات البرلمان

يسأل كثر في بريطانيا عن الانتخابات المقبلة، التي يجب أن تحدث قبل نهاية يناير (كانون الثاني) 2025، أو بشكل واقعي العام المقبل، وبعض الأسئلة تتناول إذا ما كان رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يمكنه التعافي من أحداث مساء الجمعة الماضي، بعض الضربات التي تعرض لها والهجمات على قيادته من قبل سلفه المغادر بوريس جونسون، أو ما مدى أهمية أن يكون ريشي سوناك أكثر شعبية من حزبه مع التذكير بأن الشيء نفسه انطبق على تيريزا ماي رئيسة الوزراء السابقة قبل أن تفقد غالبيتها في مجلس العموم. 

في تقرير حديث لشركة الأبحاث الاقتصادية المستقلة ومقرها لندن سعت "كابيتال إيكونوميكس" إلى التنبؤ بما سيبدو عليه المشهد الاقتصادي للبلاد، وتساءلت في تقريرها عن أسباب تخلف الاقتصاد البريطاني عن الركب؟

التقرير قسم التاريخ الحديث إلى مرحلتين: المرحلة الأولى الوباء، وتغطي الفترة الزمنية بين الربع الأول من عام 2020 وبعد ذلك بعامين، أما المرحلة الثانية فهي فترة ما بعد الجائحة، من الربع الأول من عام 2022 حتى عام لاحق. 

وفي كلتا المرحلتين كان هناك ضعف في الأداء في المملكة المتحدة مقارنة بأميركا ومنطقة اليورو، ففي المرحلة الأولى سجلت المملكة المتحدة نمواً بنسبة اثنين في المئة مقارنة بـ4.6 في المئة في منطقة اليورو (أو أربعة في المئة باستثناء إيرلندا التي تكون أرقام ناتجها المحلي الإجمالي مشوهة) و4.9 في المئة في أميركا، بينما في المرحلة الثانية نمو ضئيل في المملكة المتحدة بنسبة 0.2 في المئة، بالمقارنة بنسبة واحد في المئة في منطقة اليورو و1.6 في المئة في أميركا. 

أظهرت الأرقام المنقحة قبل أيام قليلة أن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو انخفض بنسبة 0.1 في المئة في الربع الأول، متأثراً بتراجع إيرلندا، بعد انخفاض طفيف مماثل في الربع الأخير من العام الماضي، وإن لم يغير ذلك من الصورة الكبيرة إذ ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي بنسبة 0.1 في المئة في الربع الأول. 

أسباب ضعف أداء الاقتصاد البريطاني 

وحول سبب ضعف أداء المملكة المتحدة غير المعتاد، يبرر التفسير الأول هذا الضعف وفقاً لمؤلف التقرير، روث غريغوري، بإنفاق المستهلك الضعيف، فأثناء الوباء أدت عمليات الإغلاق والقيود الأخرى والتغييرات السلوكية إلى الحد من إنفاق المستهلكين إلى حد أكبر من أي مكان آخر، في حين أنه وفي مرحلة ما بعد الجائحة تعرض المستهلكون لضغوط أكبر وأطول أمداً في كلفة المعيشة، وبالفعل فإن الإنفاق على الخدمات الموجهة للمستهلكين تراجع بنسبة 10 في المئة تقريباً عن مستويات ما قبل الجائحة. 

أما السبب الثاني فربما بشكل مفاجئ هو أن الإنفاق الحكومي بعد أن دعم الاقتصاد خلال الوباء طرح من النمو الاقتصادي خلال فترة ما بعد كوفيد. 

ثم هناك السبب الثالث، وهو السبب الذي ربما توقعه كثر، فكما يقول تقرير كابيتال "العامل الثالث هو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي أسهم بلا شك في كلتا المرحلتين في تباطؤ النمو في صادرات المملكة المتحدة مقارنة بأماكن أخرى".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبمقارنة أحجام الصادرات من السلع والخدمات لبقية دول مجموعة السبع في الربع الأول من هذا العام بمتوسط 2018، قبل بدء التشوهات المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ارتفعت بنسبة 3.3 في المئة، بينما انخفضت المملكة المتحدة بنسبة 5.9 في المئة. 

كل هذه الأسباب تضيف إلى صورة قاتمة لكنها كانت حقبة مختلفة، إذ سقط حزب المحافظين في هزيمة ساحقة في عام 1997 ضد حزب العمال بزعامة توني بلير، على رغم أربع سنوات من النمو القوي في الاقتصاد ومستويات المعيشة، في حين يتوقع أن تجرى الانتخابات المقبلة على خلفية لن ينمو فيها الناتج المحلي الإجمالي بالكاد على مستوى طموحات البرلمان مع إمكانية أن يتقلص إذا ثبتت صحة بعض التحذيرات الحالية في شأن أخطار الركود. 

دخل الأسر سيظل منخفضاً

من جانبه، يتوقع مكتب مسؤولية الميزانية، المتنبئ الرسمي للبلاد، أن يظل الدخل الحقيقي للأسرة والفرد أقل بقليل من مستويات ما قبل الوباء، وهو مستوى لم تشهده البلاد منذ أن بدأ نشاط المكتب في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، ومع التذكير بأن الدخل الحقيقي لكل فرد في عام 1997 كان أعلى بنسبة تسعة في المئة تقريباً مما كان عليه في وقت الانتخابات السابقة في عام 1992، وحتى مع تأثير الأزمة المالية خسر العمال في عام 2010 على رغم ارتفاع الدخل الحقيقي للفرد بنسبة أربعة في المئة مقارنة بالانتخابات السابقة في 2005. 

يبدو من كل هذا كما لو أن رئيس الوزراء ريشي سوناك سيغادر قلب صنع القرار (10 داونينغ ستريت) الآن، ولكن هناك بعض الاحتمالات البديلة، الأول هو أن الناخبين لا يتخذون قراراتهم في شأن القضايا الاقتصادية فقط، وهو ما يسميه الأميركيون أحياناً قضايا "الجيب"، وعلى هذا الأساس إذا كان الاختيار في الانتخابات المقبلة بين اثنين من المرشحين غير المثيرين للتكنوقراط، فلماذا لا تعرف الشيطان بدلاً من المخاطرة بغيره أخذاً بمقولة "الشيطان الذي تعرفه أفضل من الشيطان الذي لا تعرفه "The Devil you know better than the Devil you don't"، وتعني المقولة أنه من الأفضل لك الاتصال أو التعامل مع شخص تعرفه بالفعل، على رغم أنك لا تحب ذلك، من شخص لا تعرفه. 

وهناك احتمال آخر قد يوفر أملاً أفضل لرئيس وزراء محاصر، وهو أنه في حين أن الأداء الاقتصادي السيئ خلال دورة البرلمان الحالية قد تم تحقيقه بشكل أو بآخر، إلا أنه قد يكون هناك دعم موقت للدخل الحقيقي وهو "عامل الشعور بالسعادة" والذي من شأنه إقناع الناس بقلب الزاوية. 

ليس ذلك فحسب، فقد جمعت المملكة المتحدة بين أزمة كلفة معيشية على النمط الأوروبي وارتفاعات على غرار الولايات المتحدة في الخمول الاقتصادي ونقص العمالة، لكنها في كل حالة أسوأ إلى حد ما. 

التضخم أكثر ديمومة مما يخشى 

 وكانت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) حذرت أثناء تعديل توقعاتها للنمو إلى 0.3 في المئة هذا العام، وواحد في المئة بعد ذلك، من خطر أن يكون التضخم أكثر ديمومة مما يخشى، إذ تمتلك المملكة المتحدة أعلى نسبة من مؤشر أسعار المستهلك، فيما تجاوز ارتفاع الأسعار خمسة في المئة لمدة 12 شهراً متتالياً لأي اقتصاد رئيس، كما سجلت البلاد أعلى معدل تضخم هذا العام لأي اقتصاد متقدم باستثناء تركيا. 

ومع ذلك، تتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انخفاضاً كبيراً في التضخم العام المقبل، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن بعض الزيادات الكبيرة الأخيرة ستخرج من المقارنة السنوية، وهو ما سيكون بمثابة "موسيقى لآذان بنك إنجلترا"، والذي يتوقع أن يقترب التضخم بسرعة من هدف التضخم الرسمي البالغ اثنين في المئة، وهو ما توقعته "كابيتال إيكونوميكس"، في حين يعتقد البنك نفسه وصندوق النقد الدولي أن الأمر سيستغرق وقتاً أطول حتى عام 2025، وهو أيضاً إجماع بين التوقعات المستقلة. 

أما بالنسبة إلى الحكومة فبحسب "التايمز" قد يكون المزيج المثالي هو مزيجاً يجمع بين الانخفاض الكبير الذي حدث قبل الانتخابات في التضخم مع تخفيضات في أسعار الفائدة، وهو ما يجب أن يكون هو الأمل بحسب الصحيفة، ولكن هناك فرصة أفضل لانخفاض التضخم مقارنة بتخفيض أسعار الفائدة استجابة لذلك، أيضاً من غير المرجح أن يكون بنك إنجلترا (بنك بريطانيا المركزي) في عجلة من أمره لخفض أسعار الفائدة مجدداً بعد رفعها للقمة، أما بالنسبة إلى التضخم فيبقى أن نرى مدى امتنان الناس لتراجعه، وفقاً للهدف الرسمي، بحسب ما تقول الصحيفة.

ما يحدث في سوق الإسكان 

أيضاً ما يحدث لسوق الإسكان في بريطانيا له أهمية سياسية كبيرة، مع حدوث انخفاض سنوي في أسعار المساكن لأول مرة منذ أواخر عام 2012. 

ولكن وعلى رغم كل هذه الضجة الكبيرة فلم تتغير أسعار المنازل في مايو (أيار) الماضي، بعد أن هبطت بنسبة 0.4 في المئة في أبريل (نيسان)، كما انخفضت الشهر الماضي بنسبة واحد في المئة فقط عن العام السابق، وتراجع مؤشر "نيشين وايد بيلدينغ سوسايتي"، بنسبة 0.1 في المئة الشهر الماضي وانخفض بنسبة 3.4 في المئة عن العام السابق، وكذلك انخفض المؤشر الرسمي لأسعار المنازل بنسبة ثلاثة في المئة بين نوفمبر (تشرين الثاني) ومارس (آذار) الماضيين، وكان انخفاض الأسعار واضحاً لبعض الوقت. 

وكانت المفاجأة، في واقع الأمر المرونة التي أظهرتها سوق الإسكان مع تفاؤل كبير كان بارزاً في أحدث مسح للسوق السكنية أجراه المعهد الملكي للمساحين القانونيين (RICS) والذي أظهر قراءات سلبية أقل في شأن استفسارات المشترين والمبيعات المتفق عليها لمدة 12 شهراً، وتخفيف الضغط الهبوطي على الأسعار.

ارتفاع معدلات الرهن العقاري 

هناك أيضاً تهديد آخر، فبعد الإعلان الشهر الماضي عن أرقام التضخم المخيبة للآمال، والتي تظهر ارتفاع التضخم الأساسي، فإن بعض عروض الرهن العقارية في الأيام الأخيرة مخيفة، إذ يتجه المقترضون إلى زيادات ضخمة في الأقساط الشهرية، بالتالي ليست الحكومة فقط هي التي تصلي من أجل الحصول على أرقام تضخم أفضل، كما تعلق الصحيفة.

ويستعد المعهد الملكي للمساحين القانونيين هو الآخر لإصدار تقريره التالي الخاص بسوق الإسكان بتاريخ 21 يونيو (حزيران) الجاري، أي قبل يوم واحد من إعلان قرار "بنك إنجلترا" في شأن سعر الفائدة، لذلك فإن قراءات المعهد القادمة وقراءات أسعار المنازل عن تجاوز سوق الإسكان لاضطراب الميزانية المصغرة لرئيسة الوزراء السابقة ليز تراس ووزير ماليتها آنذاك كواسي كوارتنغ في الخريف الماضي أدى إلى ارتفاع معدلات الرهن العقاري.