Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حصار بكين الاقتصادي يهوي بقيمة شركات التكنولوجيا الصينية

مخاوف من عقوبات أميركية - غربية اقتداء بنظيرتها التي فرضت على روسيا بعد حرب أوكرانيا

إجمالي خسائر شركات التكنولوجيا الصينية يصل إلى 300 مليار دولار من قيمتها السوقية  (أ ف ب)

 

ملخص

المستثمرون يبيعون أسهم شركات التكنولوجيا الصينية خشية العقوبات الأميركية

يتواصل هبوط القيمة السوقية لشركات التكنولوجيا في الصين، أو ما تسمى شركات الإنترنت، مما يضغط على أوضاعها المالية وقدرتها على توفير الاستثمارات سواء للنمو أو حتى استمرار النشاط كما هو.

تضافر عدم قدرة الشركات على التمويل من شراء أسهمها في الأسواق المالية مع تباطؤ النمو في الاقتصاد الصيني في الفترة الأخيرة.

وكانت الأسواق توقعت قفزة هائلة في النشاط الاقتصادي لثاني أكبر اقتصاد في العالم مطلع هذا العام حين ألغت الصين فجأة كل القيود التي صاحبت أزمة وباء كورونا.

لكن البيانات والأرقام الرسمية الصينية في الأسابيع الأخيرة تشير إلى أن الانتعاش الصيني ليس بالقوة التي توقعتها الأسواق، وبالكاد يمكن للاقتصاد أن يحقق النسبة الرسمية المستهدفة لنمو الناتج المحلي الإجمالي بما بين خمسة و5.5 في المئة لهذا العام 2023، ارتفاعاً من نمو الاقتصاد الصيني العام الماضي 2022 بنسبة ثلاثة في المئة، إلا أنه يقل بنحو النصف عن معدلات النمو السنوية ما قبل أزمة وباء كورونا حين كان يتجاوز نسبة 10 في المئة.

ذلك التباطؤ في النمو يزيد الضغط على الشركات الناشئة وشركات التكنولوجيا الكبرى الراسخة على السواء، أما ما يضاعف الضغ، فهو عمليات البيع الهائلة لأسهم تلك الشركات سواء المسجلة في بورصة "وول ستريت" بنيويورك أو المسجلة في هونغ كونغ.

ويشير تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" إلى أن المستثمرين يخرجون بكثافة من شركات التكنولوجيا الصينية بعد أن كانوا يستثمرون فيها باعتبارها قطاعاً واعداً بالنمو يدر عليهم أرباحاً كبيرة.

انهيار القيمة السوقية

على سبيل المثال كانت القيمة السوقية لشركة الترفيه عبر الإنترنت الصينية "بيلي بيلي" قبل عامين فقط عند 54 مليار دولار وكانت أسهمها في "وول ستريت" تشهد إقبالاً على الشراء من المستثمرين الذين يتوقعون ارتفاع قيمتها أكثر. أما الآن، فوصلت القيمة السوقية للشركة المسجلة على مؤشر "ناسداك" إلى 6.5 مليار دولار فقط، مما دفع الشركة التي أصبحت تواجه مشكلة مدفوعات خدمة الدين إلى اتخاذ إجراءات قاسية لخفض الكلفة.

لا يقتصر الأمر على شركات التكنولوجيا الناشئة أو الصغيرة، بل يطاول حتى المجموعات الكبرى في الصين مثل "تينسنت" و"علي بابا"، وعلى رغم البيانات المالية ربع السنوية الإيجابية لتلك الشركات الكبرى، إلا أن المستثمرين يواصلون بيع أسهمها بكثافة وسحب أموالهم منها.

ومنذ شهر يناير (كانون الثاني) الماضي حتى الآن، خسر سهم مجموعة "تينسنت" 19 في المئة من قيمته، بينما هبط سهم "علي بابا" بنسبة 29 في المئة في تلك الفترة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

طبقاً لأرقام "كابيتال آي كيو" التابعة لمؤسسة "ستاندرد أند بورز" خسرت أكبر 10 شركات تكنولوجيا في الصين نحو 300 مليار دولار من قيمتها السوقية منذ بدء أزمة وباء كورونا، في وقت ارتفعت القيمة السوقية لنظيراتها في الولايات المتحدة بنحو 5 تريليونات دولار. ويعود سحب المستثمرين أموالهم من شركات التكنولوجيا الصينية الواعدة، بحسب تقرير الصحيفة، لاستجابة المستثمرين والصناديق للضغوط الأميركية لعدم الاستثمار في الصين.

يخشى هؤلاء، كما تقول "فايننشال تايمز" من تصاعد الصراع بين الولايات المتحدة والصين إلى حد فرض عقوبات قاسية على بكين مثل التي فرضتها أميركا والغرب على روسيا العام الماضي بسبب الحرب في أوكرانيا.

وخسر المستثمرون الغربيون في الشركات الروسية أو التي تعمل في روسيا نتيجة العقوبات والحظر مليارات الدولارات، بالتالي يتخوفون من أن تخسر استثماراتهم في الصين إذا تعرضت لعقوبات مماثلة، كما أن العقوبات الأميركية الحالية على الصين التي تحول دون قدرتها على استيراد التكنولوجيا مثل التي تستخدم في صناعة الرقائق الإلكترونية تضغط سلباً على قطاع التكنولوجيا الصيني كله.

ضغوط متصاعدة

تعد شركة "سيكويا كابيتال" أحدث صناديق الاستثمار التي تخرج من الصين التي أعلنت الأسبوع الماضي عن خططها لفصل وحدتها في الصين عن بقية المجموعة لتصبح شركة استثمار قائمة بذاتها، وذلك في رضوخ واضح لتصاعد التوترات الجيوسياسية بين الصين والولايات المتحدة.

وكان ثالث أكبر صندوق معاشات تقاعد في كندا، مخطط معاشات تقاعد المدرسين في أونتاريو، يملك استثمارات في أسهم "تينسنت" و"علي بابا" بأكثر من مليار دولار، لكن في إفصاحهما المالي الأخير لم يظهر الصندوق كأحد كبار المستثمرين في أي من الشركتين، وأعلن أخيراً عن خفض كبير في العاملين بمكتبه في هونغ كونغ المسؤول عن تلك الاستثمارات.

وتؤدي الضغوط الأميركية وتقييد الإجراءات على الاستثمار في الصين إلى هرب الاستثمارات من شركات التكنولوجيا والإنترنت وغيرها، فعلى مدى العام الماضي وفي هدوء ومن دون ضجة خبرية، باع أحد أكبر المستثمرين الأميركيين وارين بافيت رئيس صندوق "بيركشاير هاثاواي" نصف الأسهم التي كان يملكها في شركة صناعة السيارات الكهربائية الصينية "بي واي دي"، ليس هذا فحسب، بل اشترى بافيت نصيباً كبيراً من أسهم شركة "تي أس أم سي" التايوانية العملاقة لصناعة الرقائق الإلكترونية ثم باعه فوراً بعد تقييم موقع الشركة الذي يجعلها وسط الصراع الصيني- الأميركي.

وبحسب شركة "آي كيو كابيتال" هناك الآن 252 شركة صينية يتم تداول أسهمها في البورصة، سواء في أميركا أو هونغ كونغ، تقل قيمتها السوقية عن إجمالي أصولها وتبعاتها المالية.

يقول مسؤول إستراتيجيات الأسهم الصينية في "بنك أوف أميركا" ويني وو إن المستقبل يبدو قاتما، خصوصاً لشركات الإنترنت الصينية، ويضيف، "أصبحت الأسهم والقطاعات التي كان يسعى المستثمرون الأجانب إلى امتلاكها تعاني زيادة كلفة التمويل وتنخفض قيمتها".

وكان بنك "جيه بي مورغان" الاستثماري أبلغ عملاءه العام الماضي أن أسهم شركات الإنترنت الصينية "غير صالحة للاستثمار" مع زيادة الولايات المتحدة العقوبات على بكين والقيود على الاستثمار في الشركات الصينية، ويبدو أن توقعات البنك كانت صحيحة إلى حد كبير.

وتعاني شركات التكنولوجيا الصينية تلك الضغوط المتزامنة مع هرب رؤوس الأموال وانهيار قيمتها السوقية وتباطؤ نمو الاقتصاد الصيني، بما يجعلها مضطرة إلى سياسات تقشفية تؤثر في نشاطها ومعنويات العاملين فيها. على سبيل المثال، أنفقت مجموعة "علي بابا" تقريباً نصف ما لديها من نقد على إعادة شراء أسهمها في محاولات لوقف هبوطها، كما سرحت نحو 24 ألفاً من العاملين فيها العام الماضي لخفض الكلفة، كما أن على تلك الشركات استخدام مدخراتها النقدية للوفاء بالتزاماتها المالية من ديون مستحقة أو أقساط وفوائد ويتركها ذلك في وضع مالي صعب مع عدم توافر النقد لديها وصعوبة التمويل من السوق.

اقرأ المزيد