Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتوصل تونس إلى حل وسط مع صندوق النقد الدولي؟

الحكومة عرضت تقديم خطة إصلاح معدلة إلى المؤسسة الدولية من دون المساس بدعم المواد الأساسية

الحكومة التونسية تتكتم عن ملامح الخطة الإصلاحية المعدلة (أ ف ب)

ملخص

أميركا ترحب بتقديم تونس خطة إصلاح معدلة وأوروبا تتعهد بمساعدة مالية

جاءت تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، الإثنين الماضي، مُرحباً بتقديم تونس خطة إصلاح معدلة إلى صندوق النقد الدولي، بعد 24 ساعة من عقد قمة تونسية - أوروبية رفيعة المستوى جمعت الأحد، الرئيس التونسي قيس سعيد ورئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والوزير الأول الهولندي مارك روته التي توجت بإعلان مشترك تعهد فيه الطرف الأوروبي بمساعدة البلاد مالياً والوقوف بجانبها في الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد.

يأتي تصريح الوزير الأميركي، أن "تونس بحاجة إلى مزيد من المساعدة إذا كانت تريد تجنب انهيار اقتصادي" وفق ما نقلته وكالة "رويترز"، بعد يوم من تعهد الجانب الأوروبي بدعوة صندوق النقد الدولي إلى مراعاة الوضعية الاقتصادية والاجتماعية الخصوصية التي تمر بها تونس في سبيل "الإفراج" عن القرض البالغ قيمته 1.9 مليار دولار يتم تقسيطه على أربع شرائح على أربع سنوات.

ويعاني اقتصاد تونس من عديد من المشكلات الهيكلية والظرفية تعمق أكثر بأزمة مالية جراء عدم توفق البلاد في الخروج على الأسواق المالية لتعبئة التمويلات الضرورية لتمويل الموازنة.

مراعاة الوضعية الخصوصية

كانت المفاوضات بين تونس وصندوق النقد توصلت إلى اتفاق على مستوى الخبراء منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022، بخصوص القرض الممدد، لكن في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي سحب المجلس التنفيذي للنقد الدولي اتفاقه على خلفية عدم تعهد تونس بجملة الإصلاحات الاقتصادية.

وضغطت رئيسة الحكومة الإيطالية في عديد من المناسبات آخرها خلال قمة الدول الصناعية السبعة إذ طالبت بمساعدة تونس وتجنب انهيار اقتصادها وأن يتفهم صندوق النقد الدولي وضعية البلاد التي تعرف موجة كبيرة من الهجرة غير النظامية ارهقت الطرف الأوروبي.

خطة إصلاحية جديدة

بالعودة إلى تصريح وزير الخارجية الأميركية، كشف عن أن تونس قد تعتزم عرض خطة اقتصادية إصلاحية جديدة معدلة على صندوق النقد الدولي، في إشارة إلى أن هذه الخطة المعدلة قد تكون نقطة انطلاق جديدة بين الطرفين وإيجاد نقطة التقاء من أجل حصول تونس على القرض المتعثر لأكثر من سنتين.

ويتكتم الجانب التونسي عن هذه الخطة الإصلاحية المعدلة وعن ملامحها ولكن عديداً من المتخصصين كانوا طالبوا الرئيس قيس سعيد بضرورة القيام بتعديل صار ضرورياً على خطة تونس الاقتصادية في علاقة بالمفاوضات مع النقد الدولي.

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد تحدث يوم الأحد 11 يونيو (حزيران) 2023 عن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، قائلاً "الحلول لا يمكن أن تكون في شكل إملاءات، والحلول التقليدية لن تؤدي إلا إلى مزيد تأزيم الأوضاع الاجتماعية وستعود بالضرر على تونس وعلى المنطقة كلها" على حد قوله.

ودعا رئيس الجمهورية على هامش لقاء الجانب الأوروبي إلى "العمل سوياً من أجل قلب الساعة الرملية فلا تسقط علينا شروط أو إملاءات بل يصغي إلينا من سيمنحنا قرضاً لن يجني منه التونسيون سوى مزيد من الفقر، مضيفاً أن على الصندوق مراجعة وصفاته وبعدها يمكن التوصل إلى حل.

مراجعة جذرية

ويعتقد عضو مجلس إدارة البنك المركزي التونسي سابقاً وأستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية فتحي النوري أن صندوق النقد الدولي سيستغل الوضعية الاقتصادية الكارثية لتونس ودفع البلاد باتجاه تبني نموذج اقتصادي ليبرالي، الأمر الذي يتطلب وفق رأيه عديداً من المراحل وبخاصة موازنة ضخمة لمجابهة أزمة الأسعار.

واقترح فتحي النوري على الرئيس قيس سعيد بضرورة أن يلتقي الوفد التونسي الذي يقود المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والعمل بخاصة على مراجعة محتوى الملف برمته.

وتابع "دعوته إلى مراجعة فترة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية للفترة 2024-2030 على أن يكون هذا التمديد مرفقاً بتوفير الموارد المالية الضرورية لإنجاح الإصلاحات المزمع تركيزها".

ودعا أيضاً رئيس الجمهورية إلى إحداث صندوق وطني للإصلاحات يكون جزء منه ممولاً من الدولة والجزء الأكبر ممولاً من المانحين الدوليين.

إعادة صياغة اتفاق جديد

ويرى أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، رضا الشكندالي، أن هناك عديداً من المسائل تغيرت منذ توقيع اتفاق الخبراء بين تونس وصندوق النقد الدولي في أكتوبر 2022 الأمر الذي يفرض وفق رأيه إجراء تعديل أو تنقيح على الخطة الإصلاحية لتونس باقتراحه إعادة صياغة اتفاق جديد.

ويقترح الشكندالي في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن يتضمن الاتفاق الجديد إرجاء القيام برفع الدعم عن المحروقات، لا سيما أن الظرف العالمي الراهن في سوق الطاقة ساعد تونس نسبياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولاحظ أن فرضيات إعداد موازنة تونس لهذا العام قامت على تسعير برميل النفط (خام برنت) عند مستوى 89 دولاراً، والحال أن معدل الأسعار العالمية حالياً لم يتجاوز 74 دولاراً ما يعني أن تونس في مأمن في هذه المسالة على رغم أن الميزان التجاري في مجال الطاقة لا يزال يشكو عجزاً لافتاً.

وكشف المتخصص الاقتصادي، أنه خلال اجتماعه رفقة عدد من أساتذة الاقتصاد مع الرئيس قيس سعيد، تمسك رئيس الجمهورية بعدم رفع الدعم عن المواد الأساسية حفاظاً على استقرار الأسعار والسلم الاجتماعي العام في البلاد.

وأوضح أن الرئيس قيس سعيد أبدى انفتاحاً في بقية محاور الإصلاحات والتي يمكن من خلالها إجراء التعديلات مع ضرورة الحفاظ على مصلحة البلاد.

تقدم في ملف إصلاح الوظيفة العمومية

وقال رضا الشكندالي إن بقية محاور الخطة الإصلاحية تطرق إليها التقرير الأخير لوكالة "فيتش" بحصول تقدم واضح في مسألة إصلاح الوظيفة العمومية من خلال بلوغ اتفاق بين الحكومة واتحاد الشغل يقضي بعدم رفع الأجور حتى عام 2025.

وبالنسبة إلى محور تحسين بيئة الأعمال، يلفت الشكندالي إلى أن الحكومة تعمل على إقرار حزمة جديدة من الإجراءات من أجل تطوير مناخ الأعمال والاستثمار بخاصة عبر التقليص من الإجراءات البيروقراطية.

أما بالنسبة إلى محور إصلاح الشركات العمومية، أكد الشكندالي أن الحكومة صادقت على تعديل جذري لقانون الشركات العمومية الرامي إلى مزيد من تعزيز جوانب الحوكمة وحسن التصرف في هذه الشركات لكنه استدرك بأن رئيس الدولة لم يختم على هذا القانون في انتظار عرضه على البرلمان.

ضمان الاتحاد الأوروبي وأميركا

ولحلحلة الإشكال القائم بين تونس وصندوق النقد الدولي، اقترح رضا الشكندالي أن يقوم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية بضمان تونس لدى النقد الدولي على غرار ما تم مع أوكرانيا التي حصلت على قروض بقيمة 15 مليار دولار.

واعتبر أن تونس مطالبة هذا العام بتحصيل نحو 5 مليارات دولار في شكل تمويلات وقروض لتمويل موازنتها لهذه السنة، وأنها توافقت على تحصيل 1.5 مليار دولار وتبقى 3.5 مليار دولار، مبرزاً أنه بإمكان الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصاد الأول لتونس مساعدتها على تعبئة هذه التمويلات.

وخلص إلى أن المساعدات التي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي البالغة 150 مليون يورو (164 مليون دولار) لا تعدو أن تمثل سوى أربعة في المئة من إجمالي التمويلات المتبقية أي 3.5 مليار دولار.