Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قرار رفع الدعم عن المحروقات في ليبيا يتأرجح بين الأخذ والرد

بينما يراه بعضهم حلاً لتخفيف أعباء الموازنة العامة يصفه آخرون بغير القابل للتنفيذ

أثار تجدد تداول قرار رفع الدعم عن المحروقات جدلاً في الشارع الليبي (اندبندنت عربية)

ملخص

استبدال المحروقات نقداً حل تكلم عنه وزير الاقتصاد الليبي، فهل هو الأنسب لتفادي تهريبها؟

قدم وزير الاقتصاد الليبي في حكومة الوحدة الوطنية محمد الحويج عدداً من البدائل المطروحة لاستبدال دعم المحروقات، وفي مقدمها الدعم النقدي الذي تصل قيمته إلى 850 ديناراً سنوياً (نحو 170 دولاراً) لكل فرد من أفراد الأسر الليبية، أو الرفع التدريجي لسعر المحروقات وتقديم فرق السعر نقداً للمواطن، أو منح بطاقة مدعومة للمواطن للسيارة للواحدة بما يعادل 300 ليتر شهرياً.

وطرحت هذه البدائل في أول جلسة "لبرلمان الشباب" التي احتضنتها العاصمة الليبية طرابلس خلال الأيام الماضية، والتي خصصت لمناقشة ملف المحروقات بحضور رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة وعدد من الوزراء.

وأجمع أعضاء برلمان الشباب بالرفض الكامل على "رفع الدعم عن المحروقات" في الأقل خلال هذه الفترة التي تشهد فيها البلاد حالاً من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني.

وشكل رئيس الحكومة الوطنية عبدالحميد الدبيبة أواخر مارس (آذار) 2021 لجنة وزارية برئاسة وزير الاقتصاد وعضوية وزير المالية ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية لوضع مقترح "رفع الدعم عن المحروقات والسلع واستبداله بالدعم النقدي المباشر وتحديد قيمته".

وأثار تجدد تداول قرار رفع الدعم عن المحروقات جدلاً في الشارع الاقتصادي الليبي، فبينما يراه بعضهم "حلاً للقضاء على عملية تهريب الوقود خارج البلاد"، يقول بعضهم الآخر إنه "سيربك الوضع الاقتصادي للمواطن وسيتسبب في تفقير الطبقة الوسطى التي ستضمحل تماماً".

وقف نزف التهريب

ويصف المستشار المالي عمار صالح تواصل دعم المحروقات بـ "الكارثة"، ويطالب بدعم بدائل رفع الدعم التي ذهب إليها وزير الاقتصاد بحكومة الوحدة الوطنية، ويقترح "دفع القيمة المالية مباشرة للمواطنين من طريق منظومة حسابات عملية تحمي حقوق المواطنين وتقطع الطريق أمام المتحايلين وسماسرة المحروقات"، وفق تعبيره.

ويؤكد صالح في طرحه أن "هذه البدائل ستقلل عمليات تهريب الوقود وستخفف الأعباء التي يتكبدها الاقتصاد الوطني نتيجة تمتع ما يقارب 3 ملايين أجنبي بمزايا الدعم عن المحروقات".

ويقول المدير السابق للشؤون الاقتصادية في الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة في ليبيا وحيد الجبو لـ "اندبندنت عربية" إن "الهدر المالي وتهريب الوقود يجب أن يتوقف فوراً، ولن تتم مكافحة هذه العصابات التي تقوم بهذه الأعمال التي تعصف بالاقتصاد الليبي إلا من طريق بيع الوقود بسعره الحقيقي، وتحويل الدعم السلعي إلى دعم مادي عبر تقديم علاوة الوقود إلى كل مواطن في حسابه المصرفي، أو التوجه إلى تقنين صرف الوقود بالبطاقات الذكية لكمية معينة لكل مواطن ليبي، فالدعم النقدي هو الحل لوقف نزف التهريب وقطع الطريق أمام المتربصين بقوت الليبيين".

ويؤكد الجبو ألا حل أمام الدولة سوى رفع الدعم عن المحروقات للتخفيف من أعباء الموازنة العامة، بخاصة وأن الأمر يكلف الخزانة العامة 11 مليار دينار ليبي سنوياً (2.2 مليون دولار).

ويتساءل في الوقت نفسه عن إمكان الذهاب نحو هذا القرار باعتباره يحتاج إلى سلطة تنفيذية موحدة تشرف على تطبيقه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تآكل الطبقة الوسطى

وتعيش ليبيا مخاضاً متواصلاً لولادة مشروع رفع الدعم عن المحروقات واستبداله بالدعم النقدي منذ عام 2016 مع حكومة الوفاق الوطني، إذ سبق وقال رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق السابقة بطرابلس فائز السراج إن "المجلس الرئاسي سيرفع الدعم عن المحروقات للقضاء على عملية تهريب البنزين مع توفير مبالغ مالية للمواطنين الليبين".

والمشروع يستمر تداوله حتى اللحظة من قبل حكومة الدبيبة التي تواجه هي الأخرى صعوبات في تطبيقه، وفي هذا الصدد سبق أن حذر الكاتب الصحافي مصطفى فيتوري من أخطار هذا التوجه الذي شهد محاولات لتطبيقه قبل عام 2011، فترة نظام القذافي، عبر توزيع عائدات النفط، لكنها لم تنجح.

ويحذر الكاتب الصحافي من رفع الدعم عن المحروقات لأنه سيضر الطبقة الفقيرة، ولأن ارتفاع سعر البنزين سيؤدي حتماً إلى ارتفاع أسعار بقية المواد الغذائية الأساس.

ويشدد فيتوري على أن "دعم المحروقات وبخاصة البنزين يظل أهم أشكال الدعم في بلد مساحته شاسعة ويفتقر إلى المواصلات العامة، إضافة إلى الأخطار الأمنية التي تجعل السيارة مهمة لسلامة الفرد، فرفع الدعم في دولة كليبيا يعني كارثة اجتماعية ستظهر نتائجها بعد سنوات، وتلك ممارسة ظالمة للاستحواذ على الثروة من قبل قلة، وإن كانت عددها يتناقص طردياً كلما ازداد ثراء أفرادها منذ عام 2011".

ويقر الفيتوري في طرحه بأن ضرر الدعم على الاقتصاد الوطني عامة كبير، لا سيما في قطاع المحروقات والتعليم والصحة أو ما تبقى منها أو السلع متى توفرت، لكنه يعتبر في الوقت ذاته أن رفع الدعم بين ليلة وضحاها سيكون ضرره أكبر، لأنه علاوة على تكريسه للطبقية هو أيضاً يدفع الطبقة الوسطى، وهي قريبة من الفقر الآن، إلى التآكل السريع مما يعوق أية محاولة لأي نهوض في ما بعد، وفق تقديره.

ويوضح الكاتب الصحافي أن "حكومة الوحدة الوطنية موقتة ومحددة المهمات، وهذا النوع من الإصلاحات الاقتصادية الكبرى ليس من مهماتها ولا تنص عليه خريطة طريق جنيف التي أتت بها، إضافة إلى أن اتخاذ قرار كهذا يحتاج إلى دراسة طويلة قد تناهز عمر الحكومة الحالية ولن يتم إنجازها كما ينبغي، فضلاً عن أنها ليست قادرة على تفعيل آليات إصلاح النتائج السلبية التي ستنتج عن رفع الدعم عن المحروقات".

وتحتل ليبيا صدارة أرخص أسعار البنزين المحلية في الدول العربية، تليها الجزائر، وعالمياً تأتي في المرتبة الثانية بعد فنزويلا وفق مسح لأسعار البنزين في دول العالم أواخر عام 2022.

ويبلغ سعر ليتر البنزين في ليبيا نحو 0.15 دينار ليبي، أي ما يعادل 0.031 دولار.

اقرأ المزيد