Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من يقنع شركات أوروبا بالتنازل عن حصة من الأرباح لزيادة الأجور؟

استغل المنتجون الحرب في أوكرانيا لرفع إيراداتهم بنحو نصف التضخم تقريباً

بلغ التضخم في منطقة اليورو ذروته عند 10.6 في المئة خلال شهر أكتوبر من عام 2022 (أ ف ب)

ملخص

ضغط العمال من أجل زيادات الأجور قد يضطر الشركات إلى قبول حصة ربح أصغر

يمثل ارتفاع أرباح الشركات ما يقرب من نصف الزيادة في التضخم في أوروبا خلال العامين الماضيين، إذ زادت الشركات الأسعار بأكثر من ارتفاع كلفة الطاقة المستوردة.

الآن بعد أن ضغط العمال من أجل زيادات في الأجور لتعويض القوة الشرائية المفقودة، قد تضطر الشركات إلى قبول حصة ربح أصغر إذا كان للتضخم أن يظل على المسار الصحيح للوصول إلى هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ اثنين في المئة في عام 2025، كما هو متوقع في تقرير "الآفاق الاقتصادية" الصادر أخيراً عن صندوق النقد الدولي.

يتفق ثلاثة من الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي في شأن قيام الشركات بتمرير زيادات في الأسعار تتجاوز حدود الكلفة الحقيقية بعد الحرب الروسية في أوكرانيا، ويقول كل من المحلل الاقتصادي في قسم نصف الكرة الغربي بصندوق النقد الدولي نيلز جاكوب هانسن وزميليه فريدريك توسكاني وجينغ زو إن التضخم في منطقة اليورو بلغ ذروته عند 10.6 في المئة في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2022 مع ارتفاع كلفة الاستيراد بعد الحرب الروسية – الأوكرانية، وتجاوزت الشركات هذه الزيادة المباشرة في الكلفة للمستهلكين، حتى مع تراجع التضخم منذ ذلك الحين إلى 6.1 في المئة في مايو (أيار) الماضي، لكن التضخم الأساسي، وهو مقياس أكثر موثوقية لضغوط الأسعار الأساسية،  ظل ثابتاً.

أسعار فائدة أعلى

ويعتقد الاقتصاديون الثلاثة أن ثبات التضخم في منطقة اليورو يبقي الضغط قائماً على البنك المركزي الأوروبي ليضيف إلى الارتفاعات الأخيرة في أسعار الفائدة على رغم انزلاق المنطقة إلى الركود في بداية العام الحالي، ورفع صناع القرار أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى لها في 22 عاماً عند 3.5 في المئة في يونيو (حزيران) الجاري.

كما يتضح يعكس التضخم حتى الآن بشكل أساسي ارتفاع الأرباح وأسعار الواردات، إذ تمثل الأرباح 45 في المئة من ارتفاع الأسعار منذ بداية عام 2022، بحسب ما توصلوا إليه في مذكرتهم البحثية.

تقسم المذكرة الصادرة اليوم الإثنين التضخم، كما قيس بواسطة معامل انكماش الاستهلاك، إلى كلفة العمالة وكلفة الاستيراد والضرائب والأرباح، وشكلت كلفة الاستيراد نحو 40 في المئة من هيكل التضخم، في حين شكلت كلفة العمالة 25 في المئة، وكان للضرائب تأثير طفيف.

بعبارة أخرى عملت الشركات في أوروبا على حماية أرباحها من صدمة الكلفة حتى الآن أكثر من العمال، وكانت الأرباح أعلى بنحو واحد في المئة من مستوى ما قبل الوباء في الربع الأول من هذا العام، وفي المقابل كانت أجور العمال أقل بنحو اثنين في المئة.

تشير الأحداث السابقة إلى أن مساهمة أجور العمالة في التضخم يجب أن تنمو في المستقبل، وذلك مع انخفاض مساهمة أسعار الواردات منذ ذروة الأزمة منتصف العام الماضي 2022.

أجور بطيئة

ويرى نيلز جاكوب هانسن وزميليه في صندوق النقد الدولي أن الأجور أبطأ من الأسعار، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن مفاوضات زيادة الأجور تجرى بشكل غير منتظم، ولكن بعد أن شهدوا انخفاضاً في أجورهم بنحو خمسة في المئة بالقيمة الحقيقية في عام 2022، سيندفع العمال الآن نحو المطالبة بزيادة الأجور، وتتمثل الأسئلة الرئيسة الآن في مدى سرعة ارتفاع الأجور وما إذا كانت الشركات ستستوعب كلفة الأجور الأعلى من دون زيادة الأسعار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويفترض الاقتصاديون الثلاثة ارتفاع الأجور الإسمية بمعدل 4.5 في المئة تقريباً على مدى العامين المقبلين (أقل بقليل من معدل النمو الذي شوهد في الربع الأول من عام 2023) وأن إنتاجية العمل ستظل ثابتة على نطاق واسع، فإن حصة أرباح الشركات ستتحقق أيضاً، لكن العودة لمستويات تضخم ما قبل الجائحة وبلوغ هدف البنك المركزي الأوروبي بحلول منتصف عام 2025 تتطلب مواصلة انخفاض أسعار السلع الأساسية، كما هو متوقع في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لشهر أبريل (نيسان) الماضي.

في الوقت نفسه تشير مذكرة صندوق النقد الدولي إلى أنه إذا زادت الأجور بشكل أكبر، على سبيل المثال بمعدل 5.5 في المئة اللازم لتوجيه الأجور الحقيقية إلى مستوى ما قبل الوباء بحلول نهاية عام 2024، فإن حصة أرباح الشركات يجب أن تنخفض إلى أدنى مستوى منذ منتصف التسعينيات (باستثناء أي زيادة غير متوقعة في الإنتاجية) لعودة التضخم للهدف المرسوم من البنك المركزي الأوروبي.

لكن ليس هناك أقدر على إقناع الشركات بزيادة أجور العمال والتنازل عن جزء من الأرباح في سبيل ذلك من مواصلة رفع أسعار الفائدة، إذ تشير مذكرة "الصندوق" إلى أن المراجعة الأخيرة لاقتصاد منطقة اليورو تلفت إلى أن سياسات الاقتصاد الكلي تحتاج إلى أن تظل متشددة لترسيخ التوقعات والحفاظ على انخفاض الطلب، وهذا من شأنه أن يقنع الشركات بقبول ضغط حصة الأرباح ويمكن للأجور الحقيقية أن تتعافى بوتيرة محسوبة، كما يقولون.