هل سيواصل النفط رحلة الصعود نحو 100 دولار للبرميل؟

تراجعت أسعار النفط قليلاً في تعاملات صباح الأربعاء بعد ارتفاعها إلى أعلى مستوى لها في 10 أشهر خلال الأسبوع، وذلك في ضوء عمليات بيع للعقود الآجلة من قبل المتعاملين لجني الأرباح، إضافة إلى أنباء التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين أرمينيا، وأذربيجان، وفي التعاملات الصباحية على العقود الآجلة للخام في الأسواق الدولية وصل سعر خام برنت القياسي إلى نحو 92 دولاراً للبرميل، وسعر الخام الأميركي الخفيف "مزيج غرب تكساس" إلى نحو 90 دولاراً للبرميل. وكان سعر خام برنت تجاوز حاجز 95 دولاراً للبرميل الثلاثاء، ووصل سعر الخام الأميركي الخفيف إلى 92 دولاراً.

وإضافة إلى البيع لجني الأرباح وتراجع المخاوف بشأن تعطل إمدادات النفط من أذربيجان، ينتظر المستثمرون قرار الاحتياطي الفيدرالي في شأن سعر الفائدة مما أدى إلى تعاملات حذرة، إلا أن كل تلك العوامل لم تمنع المحللين في الأسواق من الاستمرار في توقع وصول أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل. وفي أحدث إضافة للتوقعات كتب المحللون في بنك "آي إن جي" الاستثماري في مذكرة لهم الأربعاء، أن أسعار النفط ستصل إلى 100 دولار للبرميل "مع استمرار قلق المستثمرين من الضغط على توازن السوق في ما تبقى من هذا العام".

ومن بين أسباب ارتفاع أسعار النفط هذا الأسبوع إلى مستويات لم تشهدها الأسواق منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، نشوب نزاع بين أرمينيا وأذربيجان في إقليم ناغورنو قره باغ. وأذربيجان منتج ومصدر للنفط والغاز، وهي عضو في تحالف "أوبك+" من خارج "أوبك". إلا أن زيادة الطلب المحلي في اقتصادات كبرى مثل الولايات المتحدة وارتفاع معدلات السحب من المخزونات أضاف أيضاً للضغط على الأسعار ارتفاعاً.

توازن السوق

ومن بين الأسباب الأخرى التي دعمت ارتفاع أسعار النفط، وقد تستمر في دعم اتجاه الصعود لفترة، ما أعلنته وكالة الطاقة الدولية عن استمرار بطء إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، ذلك إضافة إلى استمرار المخاوف في شأن نمو الطلب الصيني على الطاقة بسبب مشكلات ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وحسب أرقام حركة ناقلات النفط في العالم، تراجع الشحن من غرب وشرق أفريقيا بمعدل واضح أيضاً.

وتشير تحليلات في الصحافة الاقتصادية الغربية إلى أنه على رغم ارتفاع الأسعار، إلا أن الأسواق ما زالت في حالة توازن للعرض والطلب، ويشير تحليل لموقع "أويل برايس دوت كوم" إلى أن دول مجموعة "بريكس"، بخاصة بعد توسعها، تلعب دوراً في ذلك على ضوء ضبط العرض الناتج من تخفيضات تحالف "أوبك+ " وتخفيضات السعودية، أكبر المصدرين في التحالف.

ويخلص التحليل إلى أن دول "بريكس" تستهدف تأمين توازن السوق بين المنتجين والمستهلكين بعيداً من التأثير والنفوذ الغربي على أسواق الطاقة. ويرجع ذلك إلى أن العقوبات الأميركية والغربية على صادرات الطاقة من روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا تدفع دولاً مثل أعضاء مجموعة "بريكس" نحو مزيد من الشراكة والتعاون في ما بينها لضمان استقرار سوق الطاقة.

وفي مقالة تحليلية لصحيفة "الفايننشال تايمز" توقعت أيضاً ارتفاع أسعار النفط إلى حاجز 100 دولار للبرميل، خلص إلى أن استراتيجية السعودية بخفض الإنتاج طوعاً، إضافة إلى قيادة الخفض لتحالف "أوبك+" تبقي الأسواق في وضع جيد وربما تعكس آراء المحللين الذين يتوقعون تراجع عائدات وأرباح شركات النفط الغربية الكبرى.

وأشار تحليل الصحيفة إلى أن المحللين والاقتصاديين توقعوا تراجع عائدات شركات الطاقة الأوروبية الكبرى بنسبة 23 في المئة بنهاية خريف العام الحالي 2023، وأن تتراجع أيضاً بنسبة ستة في المئة العام المقبل، إلا أن توازن السوق الحالي، حسب تقرير شركة "برنشتاين ريسيرش"، سيدفع عائدات شركات الطاقة الأوروبية نحو الزيادة، وليس التراجع ما يعني ارتفاع أسعار أسهم شركات كبرى مثل "شل" و"إيني" في السوق.

وعلى رغم مخاوف تباطؤ الطلب الصيني على الطاقة، يرى خورخيه ليون من شركة "رايستاد إنرجي" أن الطلب الصيني على الطاقة لن يتراجع كثيراً، بل على العكس سيواصل النمو. فقد ارتفعت واردات الصين من النفط الخام في شهر أغسطس (آب) إلى 11.5 مليون برميل يومياً، وذلك بزيادة قدرها مليوني برميل يومياً عن الشهر نفسه من العام الماضي، ويجعل ذلك الصين صاحبة النصيب الأكبر في نمو الطلب العالمي على النفط المتوقع لهذا العام بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً طبقاً لأرقام وكالة الطاقة الدولية.