Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"مكافحة تغير المناخ" فقاعة الانتخابات البريطانية

ريشي سوناك يعلن إجراءات تراجع حكومته عن هدف الوصول إلى "صفر انبعاثات" في 2030

اعتبر عدد من نواب حزب المحافظين الحاكم إعلان رئيس الوزراء التراجع عن هدف "صفر انبعاثات" مجرد "فقاعة انتخابية" (غيتي)

ملخص

إعلان سوناك تخلي حكومته عن التزاماتها تجاه مكافحة التغيرات المناخية جاء في مؤتمر صحافي وليس أمام البرلمان

تلقت الحكومة البريطانية أول تهديد قانوني يقودها إلى المحاكم بسبب تراجعها عن أهداف مكافحة التغير المناخي، إذ بعثت مجموعة "غود لاو بروجيكت" رسالة إلى الوزيرة المسؤولة عن "صفر انبعاثات" كلير كوتينو، تفيد بأنها سترفع دعوى قضائية في المحكمة العليا ضد تراجع الحكومة عن تعهداتها.

وعبرت المجموعة في الرسالة عن قلقها العميق لدى لجنة التغير المناخي المستقلة في شأن الإجراءات التي أعلنها رئيس الوزراء ريشي سوناك، إلى ذلك، تلقى رئيس الحكومة رسالة توبيخ مبطن من رئيس مجلس العموم (البرلمان البريطاني) ليندسي هويل الذي قال إنه كان ليدعو البرلمان للانعقاد حتى تتعهد الحكومة أمام النواب بتغيير سياستها في هذا الإطار، إلا أن سوناك رد بأنه ملتزم باتخاذ القرارات التي يحتاج إليها المواطنون، إذ إن الشعب في حاجة إلى التغيير.

وجاء إعلان سوناك عن تراجع حكومته عن التزاماتها الحكومة وأهدافها في إطار مكافحة التغيرات المناخية في مؤتمر صحافي وليس أمام البرلمان.

ردود الفعل على تخلي بريطانيا عن التزاماتها المناخية لم يقتصر على المعارضة فحسب، فبعد أن أكد حزب العمال المعارض على الالتزام بتلك التعهدات، انقسم حزب المحافظين الحاكم، إذ انتقد عدد من الوزراء المحافظين السابقين إعلان سوناك، معتبرين أن هذا التراجع ليس إلا محاولة لافتعال نقاط خلاف عن حزب العمال بغرض كسب الأصوات في الانتخابات المقبلة.

إجراء انتخابي

في غضون ذلك، تلقى سوناك عند إعلان قراره سؤالاً خلال مؤتمر صحافي، يتضمن اتهاماً من بوريس جونسون، رئيس الوزراء السابق بالتلاعب بأهداف "صفر انبعاثات"، متسائلاً هل يخشى خسارة الانتخابات العام المقبل؟ ورد سوناك قائلاً "أفكر في هذه القضايا منذ أن كنت وزيراً للخزانة".

يشار إلى أن ريشي سوناك كان وزيراً للخزانة في حكومة بوريس جونسون حتى العام الماضي.

في المقابل، اعتبر عدد من نواب حزب المحافظين الحاكم إعلان رئيس الوزراء مجرد "فقاعة انتخابية" للتمايز عن أفكار المعارضة في محاولة كسب أصوات فئات من الناخبين.

يذكر أن حزب العمال المعارض، الذي يتقدم على حزب المحافظين الحاكم في استطلاعات الرأي، خسر الانتخابات التكميلية في دائرة أوكسبردج هذا العام لأنها جاءت بعد إعلان عمدة لندن العمالي صادق خان عن توسيع منطقة حظر انبعاثات السيارات في العاصمة، معتبراً ذلك احتجاجاً من الناخبين على الإجراء البيئي لقيادة بارزة في حزب العمال.

لكن الأرجح أن تصويت الناخبين في أوكسبردج كان احتجاجاً على الكلفة المالية نتيجة الرسوم التي ستدفعها السيارات التي تدخل المنطقة الموسعة إذا كانت سيارات تعمل بالديزل أو بالبنزين وتطلق انبعاثات كربونية عالية.

كما أن هناك في حزب المحافظين الحاكم من يختلف مع رئيس الوزراء بسبب تعيينه كوتينو المقربة منه كوزيرة في التعديل الوزاري الأخير، وهي المسؤولة حالياً عن سياسة "صفر انبعاثات" التي قلصها سوناك في إعلانه.

يشار إلى أن كوتينو من الموالين بقوة لسوناك، إذ عملت معه عن قرب حين كان وزيراً للخزانة، لكن البعض يراها أقل خبرة من كوادر كثيرة بين النواب المحافظين الذين كانوا يستحقون مقعداً في الوزارة.

وعلى رغم أن معظم وزراء حكومة الظل في حزب العمال المعارض من وزيرة الصناعة والمناخ إلى وزيرة الخزانة وحتى نائبة رئيس الحزب شنوا هجوماً لاذعاً على سوناك نتيجة تخليه عن تعهدات بريطانيا المناخية، إلا أن رئيس الحزب السير كير ستارمر ربما يفكر في تعديل موقف الحزب من قصية المناخ كي لا يعطي فرصة لسوناك لكسب أصوات على حساب المعارضة.

إعلان ملتبس

في الأثناء، يرى معظم المحللين أن ما أعلنه ريشي سوناك لم يكن شيئاً مهماً باستثناء تأجيل حظر سيارات الديزل والبنزين بحلول عام 2030 ليصبح ذلك الموعد عند 2035، كذلك إلغاء شروط تجهيز المنازل لزيادة الكفاءة في استهلاك الطاقة، ما عدا ذلك ما أعلنه رئيس الوزراء لم يكن موجوداً ولا مطروحاً ليصبح قانوناً أو قاعدة ملزمة.

علي سبيل المثال إلغاء زيادة عدد صناديق القمامة لغرض إعادة تدوير النفايات بطريقة أفضل بيئياً لم يكن مطروحاً أصلاً أن يصبح "أمام كل بيت سبعة صناديق قمامة" كما أعلن سوناك، إنما كانت توصيات غير ملزمة منذ أكثر من عامين ولم يؤخذ بها.

الأمر نفسه ينطبق على ما سمي "ضريبة السفر"، أي زيادة الرسوم على شركات الطيران بسبب انبعاثاتها الكربونية والتي يتحملها في النهاية المسافرون، فلم يكن هناك مشروع قانون يقر ذلك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن الأمثلة التي أعلنها سوناك أيضاً إلغاء "فرض كم عدد الركاب في سيارتك"، إذ كانت أيضاً مجرد فكرة لم تصمد كثيراً، فكانت فكرة تشارك المواطنين الركوب إذا كان طريقهم واحداً لتقليل عدد السيارات على الطرق بالتالي خفض الانبعاثات فكرة غير قابلة للتطبيق من الأساس.

وبحسب رؤية معظم المحللين، فإعلان ريشي سوناك وإن كان بغرض انتخابي للتمايز عن حزب العمال، إلا أنه أيضاً يثير الانتقاد وعدم الثقة في وفاء الحكومة بالتزاماتها وتعهداتها.

أما التحجج أن تلك الإجراءات "براغماتية" بهدف دعم الاقتصاد، فرد عليها رئيس لجنة التغير المناخي كريس ستارك في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز" قائلاً "هناك فائدة للاقتصاد من الوصول إلى (صفر انبعاثات) حتى لو كنت لا تهتم بالتغيرات المناخية"، مضيفاً أن "التحول إلى (صفر انبعاثات) لا يضر بالاقتصاد"، موضحاً "كلما انجزنا هذا التحول أسرع كلما كانت الكلفة أقل".

وأكد رئيس اللجنة المستقلة التي تنصح الحكومة في شأن سياسة مكافحة تغير المناخ أن بريطانيا "في حاجة لمضاعفة جهود الحد من الكربون أربع مرات، وما أعلنته الحكومة ليس السياسة التي تساعد على تحقيق ذلك".

انتقادات من الشركات

ومع أن الهدف المعلن لذلك التراجع عن أهداف مكافحة التغير المناخي بالوصول إلى "صفر انبعاثات" في الموعد الذي التزمت به الحكومة سابقاً هو تحقيق نفع اقتصادي، إلا أن انتقادات الشركات لتلك الإجراءات ينفي ذلك الهدف.

وجاءت معظم الانتقادات من شركات الطاقة وشركات السيارات، ليس في بريطانيا وحدها بل إن شركة "فورد" الأميركية انتقدت إجراءات الحكومة التي غيرت من سياساتها وتخلت عن تعهدات ملزمة بمكافحة التغيرات المناخية، إذ قالت الرئيس التنفيذي للشركة ليزا برانكين "يحتاج عملنا إلى ثلاثة أشياء من الحكومة البريطانية هي الطموح والالتزام والاتساق"، مضيفة أن "التخلي عن هدف "صفر انبعاثات" في 2030 لإحلال السيارات الكهربائية محل سيارات الديزل والبنزين) ينسف الأمور الثلاثة".

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة "إي أون" للطاقة كريس نروبري "لا يوجد نقاش في شأن (أخضر مقابل أرخص)" في تعليق تهكمي على أن الحكومة تخلت عن أهداف المناخ بسبب الكلفة. وأضاف أن "تراجع سوناك عن التزامات الحكومة سيؤدي إلى تأخير ضار في العمل على التحول الاقتصادي نحو الطاقة المتجددة"، مؤكداً "التحول إلى الطاقة المتجددة الخضراء أقل كلفة للمستهلكين بالفعل، فضلاً عن مساعدته في الوصول إلى هدف صفر انبعاثات.

اقرأ المزيد